لم تعد الحملة على قناة "المنار" و"حزب الله" تقتصر على المملكة العربية السعودية أو جمهورية مصر العربية أو أي دولة خليجية، بل بدأت تنسحب شيئاً فشيئاً الى حلفاء هذه الدول في الداخل اللبناني. ففيما كان من المتوقع أن تتضامن القوى السياسية على مختلف إنتماءاتها وأحزابها وتقف جنباً إلى جنب لمواجهة القرار الذي صدر عن "نايل سات" بحجب "المنار" عن قمرها، وفي الوقت الذي كان يجب أن يحرك القرار المصري بحقّ قناة "حزب الله" الجهات الرسمية اللبنانية في محاولة لإقناع "نايل سات" بالعودة عن قرارها، كل ذلك تحت عنوان حماية حرية الإعلام والتعبير، لا يخجل فريق سياسي لبناني في الوقوف الى جانب "نايل سات" ضد "المنار" أو بتحييد نفسه عن القضية وكأنّ "المنار" تلفزيون يعمل في أستراليا أو اندونيسيا أو الصين.
إلى مجلس النواب، وتحديداً الى مبنى المكاتب، وصل فريق "المنار" المؤلف من مراسل ومصور ومساعد مصور. وبعد تسجيله الأسماء لدى عنصر قوى الأمن الموجود دائماً على المدخل، وإبلاغه الى أي مكتب يريد الصعود بهدف إجراء مقابلة، أنجز الفريق التلفزيوني مهمته. بعدها قام الفريق بجولة في أروقة طوابق المكاتب، علّه يحصل على مقابلات نيابية إضافية متضامنة مع القناة، وعندما وصل الى مكتب النائب في تيار "المستقبل" محمد قباني، قال له المراسل إنه حاول التواصل مع زميله في الكتلة الزرقاء النائب عمّار حوري لتصوير مقابلة معه عن قرار "نايل سات"، غير أن حوري إعتذر بسبب إرتباطه بموعد وأحاله على قباني الموجود في المجلس. وبما أن حوري فعل فعلته من دون التنسيق مع زميله، فاجأ كلام المراسل النائب البيروتي من دون أن يحرجه أو يجعله مربكاً. لذلك جاء جوابه سريعاً وعفوياً "إسمحولي اعتذر هالمرة، ما بدي أطلع عالمنار، بتعملولي مشكل، شو بدكن تورطوني".
وعندما حاول المراسل إقناعه بأن القضية قضية رأي عام وحريات إعلامية، تابع قباني تبرير رفضه لتصوير المقابلة، "بتهاجموا المملكة العربية السعودية عالطالع والنازل، وبتنتقدوا دول الخليج ومصر وغيرا وبدكن ياني صوّر مقابلة، إسمحولي بلا هالورطة".
لم تشمل ردة فعل قباني قناة "المنار" فقط، بل طاولت أيضاً زميله حوري، الذي راح "يكرفت" له، قائلاً "إذا عَمِلتو معي مزحة، الموضوع مش للمزح، وإذا جدية كارثة".
حادثة النائب قباني مع "المنار"، وإن تؤشر على شيء فإلى مدى عدم تضامن اللبنانيين مع بعضهم البعض في قضايا وقرارات قد لا يسلم أحد منها وقد تصيب شظاياها الجميع إذا تبدلت الظروف الإقليمية. وإذا رفض قباني الظهور على قناة "المنار" مسايرةً للسعودية ومصر، وهو المعروف بإنفتاحه وبعلاقته الجيدة برئيس المجلس النيابي نبيه بري، فلا بد من طرح السؤال، ماذا عن مواقف زملائه المتشددين في الكتلة الزرقاء؟ وهل بقي شيءٌ مما كان يعرف بـ"التضامن الداخلي" بين اللبنانيين أم أن هذا الشعار بات في خبر كان؟